في أروقة عالم التكنولوجيا، ومن بين ألوانها وأشكالها التي تنوعت وتجددت، يأتي مفهوم الذكاء الصناعي التوليدي ليأخذ مكانة بارزة بين النجوم الساطعة في هذه السماء.
لكن، يبدو أن الفضاء الذي كان يستوعب الجميع، يضيق شيئاً فشيئاً. وما كان يُعد ميداناً مفتوحاً للتنافس بين الكبير والصغير، أصبح اليوم قلعة مُحصنة في أيدي الجبابرة التكنولوجيين.
هنالك شعور بأن هناك خدعة ذكية قد ألقيت على الشركات الناشئة، حيث جُعل لها الوصول إلى النماذج الضخمة من الذكاء الصناعي مُيسراً، بل وتحت شعار: "استكشفوا، وابتكروا"! وفعلاً، استجابت هذه الشركات، وقدمت إبداعات وتطبيقات ومواقع ذكية ومثيرة. ولكن، في الخفاء، كانت تلك الجبابرة تراقب، وتقيم، وتُسرع في اقتباس الأفكار ودمجها ضمن منصاتها الضخمة وبرامجها و تطبيقاتها المتعددة. المشهد الحالي يظهر أن هؤلاء الجبابرة يمتلكون عوامل القوة: قاعدة مستخدمين ضخمة، نماذج ذكاء صناعي متطورة، وفرق تطوير لا تُعد ولا تُحصى. أما الناشئات، فهي في واقع مرير، تبحث عن نفسها وتسابق الزمن قبل أن تُبتلع.
وفي هذا الإطار، يظل التساؤل: هل سيستمر الوضع على ما هو عليه، أم أننا سنشهد تحولاً جديداً؟
الإجابة قد تكون مُحيرة، ولكن اليقين الوحيد هو أن الشركات الناشئة، إذا أرادت البقاء، يجب أن تجد لنفسها مكانة في مجالات مُحددة، بعيداً عن عوالم الجبابرة، أو أن تبتكر نماذجها الخاصة، التي قد تكون لها الكلمة العليا في المستقبل. وفي الختام، وحين نتأمل في مستقبل الذكاء الصناعي، ندرك أن القوة ليست في الحجم فحسب، بل في القدرة على الابتكار والتحديث، وفي القدرة على فهم السوق واحتياجاته. ولعل الزمن سيكشف لنا ما يخبئه من مفاجآت.